من الفرار إلى الحرية

من الفرار إلى الحرية

Yousef Rasheed

من الفرار إلى الحرية

يروي لاجئ سوري قصته عن الصدمة التي سببها فراره من منزله و منشأه، وكيف يعمل الآن على تحرير نفسه والآخرين.

انا اسمي يوسف رشيد. عمري 31 سنة وأنا من سوريا.

في البداية، اعتقدت أن الاحتجاجات ستكون سلمية. ثم لاحظت وجود الأسلحة. في النهاية، أُجبرت على الانضمام إلى الجيش. بقيت في الجيش قرابة 4 أشهر وخضعت للتدريب.و مع ذلك ، لم أرغب في أن أكون جزءًا من هذه الحرب. لذلك قررت الفرار. تعرضت القرية التي كنت أعيش فيها لنيران كثيفة. لم نشعر أنا وعائلتي بالأمان. كنت أعلم أنه يجب علينا المغادرة. 

هربت مع أختي إلى الأردن. قبل شهرين من ذلك، قُتل زوجها. في الإسلام، عندما تصبح المرأة أرملة، تحتاج إلى أن يرافقها ولي أمرها لفترة معينة من الوقت. لذلك جئت مع أختي وأطفالها الثلاثة. بقيت والدتي في سوريا.

سافرنا طوال النهار والليل. بمجرد وصولنا إلى الحدود الأردنية، تفحّصوا من أوراقنا. قام ممثلون من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتحقُّق مما إذا كنا بحاجة إلى أي رعاية طبية. ثم تمَّ بعد ذلك نقلنا إلى مخيم الزعتري للاجئين.

عند وصولنا، لاحظت أنه لم يكن المخيم مستعداً لاستقبال المزيد من اللاجئين. كان الطقس سيئًا ومغبرًا جدًا، وكانت الشمس قوية. كان المخيم في منطقة تعتبر صحراوية.

عندما كنت في وطني، كنت طالباً جامعياً. امّا الآن، فقد اصبحت مسؤولاً عن أختي وأطفالها. كان هذا التغيير مفاجئًا. شعرت بالصدمة. فقدت بيتي، وانفصلت عن أسرتي. لم يكن باستطاعتي قبول ذلك في البداية. في الأسابيع القليلة الأولى، شعرت بالإرهاق الشديد لدرجة أنني لم أرغب في مغادرة خيمتي.

عندما وصلت لأول مرة، تم تزويدي بالطعام على الفور. كنت منهكاً، ولم يكن لدي أي طاقة. قاموا بإعطائي بعض البطانيات وفرشة وخيمة. لاحقاً، قابلت أشخاصاً آخرين في المخيم كانوا قد ذهبوا إلى نفس الجامعة التي كنت انتمي اليها في سوريا. كانوا مصدر دعم إضافيٍ لي. أخبروني أن هنالك الكثير من المنظمات غير الحكومية العاملة في المخيم. يمكنني ان آخذ دورات معهم وقد أحصل على وظيفة. في سوريا ، كنت أدرس الهندسة الميكانيكية، لكن هنا، كنت مهتمًا بالصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي.

انخرطت في برنامج Beyond Conflict بعد أن رأيت إعلانًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كانوا يبحثون عن ميسرين لدليلهم الميداني. كنت مهتمًا على الفور لأنها كانت فرصة لي للإنخراط في مجالٍ يتعامل مع علم النفس، فتقدمت بطلب للعمل معهم.

أخذت عدة دورات مرتبطة بالصحة العقلية في المخيم. ومع ذلك ،هنالك اختلاف بين تلك الدورات والدليل الميداني   للتثقيف النفسي، حيث أن الدليل الميداني يتعمق في الصحة العقلية. عندما كنت في سوريا، لم أشارك أبدًا في أي شيء يتعلق بهذه الأمور، لكن هنا في المخيم، يمكنني أن أتحدث عمّا كان يحدث معي و مع الناس لأنني أيضًا أصبت بصدمة مثلهم.

تعلمت في عملي عن القلق وكيفية تأثيره على جسدي ورفاهيتي. تعلمت أيضًا عن العناية بالنفس. وعلى الرغم من أننا لسنا خبراء مرخصين، إلا أننا نتعلم كيفية الاعتناء بأنفسنا ويمكننا تعليم الآخرين كيفية القيام بذات الشيء. 

إن وصمة العار المتعلقة بالصحة النفسية شائعةٌ جدًا في الشرق الأوسط. حيث يتظاهر الرجال في ثقافتنا دائمًا بأنهم أقوياء جدًا لأنه ليس من المقبول أن تظهر شعورك بالإحباط أو الضعف. كما أنه ليس من المقبول اجتماعيًا أن يبكيَ الرجال، مما يؤدي إلى شعورهم بالإرهاق النفسي و التعب. لا يطلب الرجال أي مساعدة لصحتهم العقلية وهناك نقص في الأطباء المتخصصين في هذا المجال في الأردن. أريد أن يعرف رجالنا كيفية الإعتناء بأنفسهم، و أود أن أعطيهم الأدوات اللازمة التي ستساعدهم على الشعور بالتحسن.

لهذا السبب أؤمن بالدليل الميداني.

أعرف تأثيره عليَّ و على الآخرين. اصبحتُ الآن متفائلاً بالمستقبل. أخطط لمغادرة المخيم، والعيش في منطقة حضارية، وإعطاء بناتي الثلاث حياةً وتعليمًا أفضل.

يوسف يُيسِّر جلسة حول الضعط النفسي مع بعض المشاركين

____

أُجبر أكثر من 82 مليون شخص حول العالم على الفرار من منازلهم، بما في ذلك 6 ملايين سوري. ادعم عملنا في مجال الصحة النفسية في أكبر مخيم للاجئين السوريين في العالم. تبرع اليوم.

Related Posts